أبدت صحيفة "الايكونوميست" البريطانية حيرة كبيرة من التناقض الكبير بين الوضعية الديموغرافية للجزائر التي يقارب عدد سكانها 40 مليون نسمة ، و الإمكانيات المالية الضخمة التي تتوفر عليها ، مع التأخر الكبير الذي تعرفه تكنولوجيات الاتصال في هذا البلد ، حيث لا يزال حتى اللحظة خارج خارطة الجيل الثالث التي تتواجد بها العديد من الدول حتى تلك التي تعتبر الأفقر و ذات الظروف السياسية و الأمنية المضطربة.
و أرجعت الصحيفة سبب تأخر الجزائر في الانضمام إلى عالم الجيل الثالث بتخوف الحكومة من استعمال الأجيال الشابة لهذه التكنلوجيا ، التي تسمح لهم بالولوج إلى الشبكة العالمية بسهولة ، الأمر الذي يمنحهم القدرة على تداول الأخبار و المعلومات بصور أكثر فعالية.
لكن المقال كشف عن سبب آخر غير متعلق بالحكومة و لا بالسياسة ، انه اقتصادي بالدرجة الأولى ، و هو مخاوف من شركة اتصالات الجزائر ، التي تحتكر خدمة الانترنت الثابت في الجزائر من انهيار في أعمالها نتيجة منافسة شبكات الجيل الثالث المتنقلة ، لذلك فقد مارست ضغوطا على السلطات المختصة من أجل تأجيل إقامة شبكات الجيل الثالث قدر الإمكان ، من أجل استقطاب أكبر عدد من الزبائن قبل بداية المنافسة الشرسة.
و أكدت "الايكونوميست" أنه في عام 2011 ، بينما كانت شعوب دول الجوار المغاربية تستمتع بالخدمات التي تقدمها شبكات الجيل الثالث ، كان الجزائريون يتابعون أطوار قضية "جازي" التي أرادت الحكومة الجزائرية الحصول على حق الشفعة في شراء أغلب أسهما من شركة "فيمبلكوم" الروسية المالكة ، و هو ما تحقق بحصول الدولة على ملكية 51 بالمئة من أسهم الفرع.
هذه المشاكل و العقبات ، أكدت الصحيفة البريطانية المرموقة أنها تواصلت الى غاية إصدار تصريحات استغلال شبكات الجيل الثالث من طرف كل الشركات العاملة في مجال الاتصالات بالجزائر ، و هي كل من موبيليس العمومية ، و نجمة التابعة لشركة "أوريدو" القطرية ، بالإضافة إلى جازي ، حيث ان تقسيم الولايات التي ستحصل عليها كل شركة من شأنه أن يجعل على الراغب في استعمال الجيل الثالث في مناطق مختلفة من القطر الوطني ، مضطرا لاستعمال ثلاث شرائح هاتفية ، لأنه في كل منطقة يتواجد متعامل يوفر الخدمة من دون بقية المتعاملين الآخرين.
و اعتبر مقال الصحيفة الذي حمل عنوان "الجيل الضائع" أن التأخر الكبير الذي عرفته قضية الجيل الثالث في الجزائر ، هو مرآة عن بقية الوضع الاقتصادي فيها ، و العقبات التي تقف أمام الاستثمارات و إقامة مشاريع اقتصادية فيها ، نتيجة البيروقراطية التي تتدخل في مختلف تفاصيل و مفاصل كل شيء ، مما يحد من رغبة المتعاملين في إقامة أي نوع من المشاريع فيها.
و استشهدت الصحيفة بتقرير للبنك الدولي الذي وضع الجزائر في المرتبة 152 من أصل 185 دولة في العالم ، من حيث التسهيلات التي توفرها للمستثمرين و المتعاملين الاقتصاديين ، الأمر الذي كانت له تداعيات جد سلبية على الاقتصاد الوطني ، حيث تستورد "تقريبا كل شيء" ، مع ارتفاع كبير في معدلات البطالة ، التي وصلت معدلاتها – حسب الصحيفة- الى 40 بالمئة في بعض المناطق ، و هو ما دفع بها إلى حث الجزائر لأن تكون "أكثر ترحيبا" للمستثمرين الأجانب من أجل استقطاب مستثمرين جدد لإحداث حركية جديدة في الاقتصاد ، و الخروج من حالة التقوقع التي يعيشها ، مما جعل البلاد رغم الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها تبدو متخلفة عن دول هي نظريا أفضل منها كثيرا في العديد من الجوانب مثل العراق و إثيوبيا اللتين تستعدان لدخول الجيل الرابع ، فيما لا تزال الجزائر تنتظر جيلا ثالثا لا تزال معالمه غامضة !
المصدر :http://www.elbilad.net/article/detail?id=5390
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق